تهيئة الطفل لدخول المدرسة من أهم الأمور التي يجب أن تتعرف إليها كل أم وأب. دخول المدرسة هو محطة هامة في حياة كل طفل، لأنها تمثل بداية مرحلة جديدة من مراحل النمو والتطور. لذا من المهم أن نقوم بتهيئة الطفل ونعده جيداً لهذه المرحلة الجديدة. التهيئة الجيدة للطفل قبل دخوله المدرسة ستساعده على الانتقال إلى المدرسة بسلاسة وتجنبه الكثير من المشكلات التي قد تواجهه في بداية مشواره التعليمي.
وفي هذا المقال، سنتناول أهم النقاط التي يجب مراعاتها عند تهيئة الطفل لدخول المدرسة، بداية من تحضير الطفل نفسياً وانفعالياً واجتماعياً، مروراً بتنمية مهاراته المعرفية والحركية، وصولاً إلى الاستعدادات العملية اللازمة قبل بداية العام الدراسي. وذلك كله من أجل أن يبدأ طفلنا مشواره الدراسي بثقة وإيجابية وتفاؤل.
كيفية تهيئة الطفل لدخول المدرسة:
دخول المدرسة هو تحوّل كبير في حياة الطفل، ويتطلب استعداداً وتهيئة مناسبة لضمان انتقال سلس وتكيّف سريع. كمرحلة انتقالية حاسمة، يجب إعداد الطفل نفسياً وجسدياً لهذه الخطوة الجديدة، لأن تحضير الطفل مسبقاً يساعده على التأقلم بسهولة مع النظام المدرسي والجو الجديد، ويخفف من التوتر والقلق المحتملين لديه. هناك عدة أمور يمكن القيام بها لتهيئة الطفل قبل بداية العام الدراسي، والتي سنتناولها في النقاط التالية:
شجعي الفضول والتعلم عند طفلك حتى قبل بداية العام الدراسي الجديد:
مع اقتراب العام الدراسي الجديد، هناك فرصة رائعة لتشجيع الفضول والتعلم لدى طفلك، كأولياء أمور بإمكاننا استغلال هذه الفترة للمساعدة في إعداد طفلنا للعودة إلى المدرسة بطريقة فعالة. من خلال قراءة الكتب وترديد الأغاني المدرسية معه، نستطيع تحفيز اهتمامه بالموضوعات التعليمية المختلفة. كما إن إشراكه في محادثات حول هذه المواضيع سيساهم في استثارة فضوله وحبه للتعلم.
بالإضافة إلى أن تعزيز بيئة التعلم في المنزل سيعكس بشكل إيجابي على اندماجه في مسيرته التعليمية، فالقراءة هي مهارة أساسية. لذا من المهم قراءة الكتب المناسبة لعمره بانتظام ومناقشتها معه. سيؤدي ذلك إلى تطوير حبه للقراءة وإعداده للتعليم الأكاديمي الرسمي.
اقرأ أيضًا:التنمر المدرسي: أسبابه، أشكاله وحلوله
عوّدي طفلك على الذهاب إلى السرير باكراً، والاستيقاظ باكراً:
إعداد جدول نوم منتظم لا يحدث بين ليلة وضحاها، لذلك من المهم البدء في تعويد الأطفال على هذه العادات قبل بضعة أسابيع من بداية العام الدراسي. شجعي طفلك على التعود على الذهاب إلى السرير في وقت مبكر تدريجياً. إذ يمكن للأنشطة الهادئة مثل الاستحمام والقراءة قبل النوم أن تساعد على الاسترخاء وتهيئة الجسم للنوم.
كما أنه من المهم بمكان ما إنشاء طقوس نوم منتظمة للعائلة ككل، فعلى سبيل المثال، تناول العشاء في وقت مبكر، وإطفاء الأنوار الساطعة والاحتفاظ بإضاءة خافتة. وعلى الرغم من أن إطفاء الأجهزة الإلكترونية قد يثير جدلاً مع الأطفال، إلا أنه خطوة مهمة للحصول على نوم هادئ. كما يُنصح باستخدام المنبه بدلاً من الهاتف الخليوي للاستيقاظ في الصباح.
التزمي مع أطفالك بالقيام بعادات صحية:
إشراك الطفل في اختيار وإعداد وجبات الغداء والوجبات الخفيفة الصحية هو أمر مهم لتنمية عاداته الغذائية. لذا، قومي بمرافقة طفلك للتسوق وساعديه في اختيار المكونات الغذائية الصحية لوجبات الغداء والوجبات الخفيفة الخاصة به، وتأكدي من توفير علب الغداء المناسبة لتناول الوجبات بانتظام. كما أنه من المستحسن المساعدة في إعداد هذه الوجبات معاً، وتخصيص أوقات ثابتة لتناول الوجبات الرئيسية والخفيفة، لأن هذا سيساعد في تعزيز روتين صحي وتنظيم الوقت بشكل فعال.
بالإضافة إلى ذلك، ساعدي الطفل في اكتشاف الأنشطة البدنية التي يستمتع بها والتي تناسب احتياجاته وقدراته، فهذا سيساعد في تعزيز نمط حياة صحي وتحقيق التوازن بين النشاط البدني والتغذية الجيدة.
اقرأ أيضًا:التعليم عن بُعد: بين الفوائد والعيوب
اختاري لطفلك حقيبة ظهر مناسبة:
استخدام حقيبة ظهر ثقيلة أو غير مناسبة قد يؤدي إلى مشاكل صحية عند الأطفال، مثل التوتر العضلي والصداع وآلام الرقبة، لذلك من المهم اختيار حقيبة ظهر مناسبة بعناية. تُفضَّل الحقائب المصنوعة من مواد خفيفة الوزن وقوية، مع أشرطة عريضة ومبطنة، هذا التصميم يساعد على توزيع الوزن بشكل متوازن على كتفي الطفل، مما يقلل من الضغط والتوتر على الجسم.
علاوة على ذلك، يجب التأكد من أن الطفل لا يحمل الحقيبة على كتف واحد فقط، بل يستخدم كلا الكتفين بالتساوي، لأن هذا سيساعد في الحفاظ على موازنة الجسم وتجنب الآثار السلبية على الهيكل العظمي والعضلات.
التعرف على البيئة المدرسية الخاصة بالطفل:
قومي بزيارة المدرسة أو محطة الحافلات المؤدية إليها قبل بداية الدراسة بأسبوع أو أسبوعين، لأن هذه الخطوة ستساعد الطفل على التعرف على البيئة الجديدة وتقليل مشاعر القلق أو الارتباك في اليوم الأول.
علاوة على ذلك، ننصح بالذهاب للعب بالقرب من ساحة المدرسة، فهذا سيساعد الطفل على ربط تلك الذكريات الإيجابية والممتعة بالمدرسة قبل انتهاء العطلة الصيفية. بهذه الطريقة، سيشعر الطفل بمزيد من الألفة والراحة عند بداية العام الدراسي الجديد. هذه الإجراءات التمهيدية ستساعد على إعداد الطفل نفسياً وانفعالياً للانتقال إلى بيئة مدرسية جديدة، مما يقلل من مخاوفه تجاه المجهول.
اقرأ أيضًا: الدروس الخصوصية: إيجابياتها وسلبياتها
إدارة عواطف طفلك والتحدث معه عن ضغوط الأسبوع الأول:
من الأهمية بمكان ما تعليم الطفل كيفية التعرف على مشاعره والتعبير عنها بطريقة مناسبة، هذه المهارات ستساعده على التعامل بفاعلية مع التحديات العاطفية التي قد تنشأ في بيئة المدرسة. على سبيل المثال، من المهم أن تطمئن طفلك بأن الشعور بالتوتر في الأيام الأولى من الدراسة هو أمر طبيعي. ففي الواقع، حتى المعلمون أنفسهم قد يمرون بتجربة مماثلة، بإدراك هذه الحقيقة، سيكون الطفل أكثر قدرة على ضبط انفعالاته.
علاوة على ذلك، شجع طفلك على التعبير عن مخاوفه. ربما يكون من المفيد مشاركته بتجاربك الخاصة عندما كنت طفلاً في مرحلة انتقال مدرسية، كما يمكنك تعليمه تقنيات التنفس البطيء والعميق للمساعدة في استرخائه وتهدئة نفسه. وناقش مع طفلك المواقف المحددة التي تقلقه، مثل عدم معرفة من سيجلس أو يتحدث معه في اليوم الأول، ساعده في وضع استراتيجية للتعامل مع هذه المخاوف والتدرب عليها ذهنياً، حتى يشعر بالجاهزية عند حدوث هذه المواقف.
اقرأ أيضًا:15 نشاط تعليمي للأطفال في الروضة
إنشاء روتين منتظم:
إن إنشاء وتطبيق روتين يومي منتظم لدى الأطفال أمر بالغ الأهمية. حتى قبل بداية العام الدراسي، من المستحسن تحفيز الطفل على وضع خطة روتينية منظمة تشمل أوقات نوم ثابتة، وجداول وجبات الطعام المنتظمة، إلى جانب فترات للأنشطة التعليمية واللعب. إن الالتزام بهذا الروتين المحكم يساعد الطفل على الشعور بالأمان والاستقرار، ويجهزه بشكل أفضل للانخراط في أيام المدرسة.
كما ينبغي مساعدة الطفل على تدوين هذه الخطوات الروتينية وتكرار تطبيقها معه عدة مرات، ويمكن تزويده بدفتر خاص لتدوين ملاحظاته والاحتفاظ بجدوله اليومي. من ناحية أخرى، قد يشمل الروتين المسائي إنجاز الواجبات المدرسية المنزلية، وهو ما قد يولد لدى الأطفال بعض الملل والقلق أحياناً. وأخيرًا، لا ينبغي إغفال تذكير الطفل بتخصيص أوقات محددة للعب والعناية بنظافة الأسنان والاستحمام، فضلاً عن القراءة قبل النوم.
اقرأ أيضًا:علامات تدل على ذكاء الطفل
تحدثي مع طفلك عن السلامة:
من المهم مراجعة قواعد السلامة الأساسية مع طفلك قبل خروجه إلى الخارج، أول هذه القواعد هو التأكد من النظر في الاتجاهين قبل عبور الشارع بأمان. كما ينبغي الحرص على السير في نفس المسار إلى المدرسة يومياً، لكي يتعود الطفل على الطريق ويصبح على دراية بالقواعد المتعلقة بممرات المشاة.
علاوة على ذلك، يجب توعية الطفل بخطورة التحدث مع الغرباء أو قبول أي عروض أو هدايا منهم، وينبغي أيضاً حثه على توخي أقصى درجات الحذر في هذا الشأن، والإبلاغ عن أي محاولات للتواصل غير المرغوب فيها. تكرار هذه التوجيهات بانتظام وتعزيزها بالممارسة العملية سيساعد على ترسيخ قواعد السلامة في ذهن الطفل، ويجعله أكثر وعياً وقدرة على التصرف بحكمة عند التنقل في الخارج.
شجعي طفلك على الاستقلالية وتحمل المسؤولية:
بناء استقلالية الطفل وتعزيز ثقته بنفسه أمر بالغ الأهمية لنموه وتطوره السليم. وفي هذا الصدد، من المستحسن تشجيع الطفل على القيام ببعض المهام البسيطة بمفرده، مثل ارتداء ملابسه، وغسل يديه، وإعادة ترتيب ألعابه، فهذا النوع من المسؤوليات البسيطة سيساعد على بناء ثقته بذاته وتعريضه لنماذج مشابهة في المدرسة. أما بالنسبة للأطفال الأكبر سناً، ينبغي إشراكهم في تنظيم مستلزماتهم المدرسية وتحديد ملابسهم الجديدة. وعلى الرغم من أن هذا الأمر قد يولد لديهم بعض الملل عند بداية العام الدراسي والعودة إلى المدرسة، إلا أن اختيارهم أدواتهم المدرسية بأنفسهم سيقلل من إحساسهم بـ الإرباك. وعلى أساس يومي، فإن المهام المكيفة مع عمر الطفل ستساعده في اكتساب المزيد من الاستقلالية والثقة بالنفس.
الاحتفال ببدء العام الدراسي الجديد:
إنّ جعل اليوم الأول من الدخول المدرسي حدثاً احتفالياً مميزاً يُساعد على تشكيل تصور إيجابي لدى الأطفال حيال بداية المدرسة. في اليوم السابق لبدء الدراسة، يُنصح بتنظيم احتفال كامل شامل لتوفير الكعك والبالونات والهدايا التعليمية المناسبة، هذا الاحتفال الاستثنائي سيجعل من بداية المدرسة تجربة ممتعة وموسم انتقال مُشرِق في حياة الأطفال. كما لا ينبغي إغفال التقاط صورة تذكارية لطفلك وهو يرتدي الزي المدرسي في أول يوم من العام الدراسي الجديد. بهذه الطريقة، ستكون بداية المدرسة مناسبة سعيدة و ستمهد الطريق نحو سنة دراسية رائعة!
إن تهيئة الطفل لدخول المدرسة نفسياً وعاطفياً أمر بالغ الأهمية، فالمرحلة الابتدائية هي نقطة تحول رئيسية في حياة الطفل، حيث ينتقل من البيئة المألوفة للمنزل إلى عالم جديد من المعلومات والمهارات والتفاعلات الاجتماعية. وبالتالي، من الضروري أن نقوم كأولياء أمور بتهيئة أطفالنا نفسياً وعاطفياً من خلال التحدث معهم، والاستماع إلى مخاوفهم، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم. كما علينا أن نحرص على تقديم الدعم اللازم لهم في هذه المرحلة الحاسمة، لنجعل بداية المدرسة تجربة إيجابية ومحفزة تفتح أمامهم آفاقًا جديدة للنمو والتطور. إن استثمارنا في تهيئة أطفالنا للمرحلة المدرسية سيدفع بهم نحو النجاح وسيؤثر إيجابياً على مسيرتهم التعليمية والحياتية بأكملها.