حكم البتكوين في الشريعة الإسلامية، الدليل الشامل حول البيتكوين

حكم البتكوين في الشريعة الإسلامية، الدليل الشامل حول البيتكوين
حكم البتكوين في الشريعة الإسلامية، الدليل الشامل حول البيتكوين
الكاتب: فريق التحرير
التاريخ: أغسطس 23, 2024

في ظل الانتشار المتزايد للعملات الرقمية المشفرة في العصر الحديث، أصبح موضوع البتكوين وما هو وما حكمه في الشريعة الإسلامية محل جدل واسع. فهذه العملة الافتراضية التي تقوم على تقنية البلوكتشين تثير تساؤلات عديدة حول مدى توافقها مع المبادئ والأحكام الشرعية للمعاملات المالية. ومن خلال هذا المقال، نأمل أن نساهم في إثراء المناقشات والإسهام في فهم أعمق حول حكم البيتكوين في الشريعة الإسلامية في شأن هذه العملة الرقمية التي باتت محل اهتمام واسع في عالم التمويل والاستثمار المعاصر.

ما هو البيتكوين؟

إن البيتكوين هي واحدة من أبرز العملات الرقمية المتداولة عالمياً في الوقت الراهن، فقد شهدت هذه العملة انتشاراً وتبنياً واسعين خلال السنوات الأخيرة، حيث باتت تُستخدم على نطاق واسع في شراء وبيع مجموعة متنوعة من السلع والخدمات.

ويُنظر إلى البيتكوين كأصل استثماري مشابه للذهب والمعادن الثمينة الأخرى، نظراً لقابليتها للتقلب السعري السريع، فإن قيمة البيتكوين شهدت ارتفاعات هائلة خلال الفترة الماضية، مما أتاح الفرصة للمستثمرين للكسب والربح من التذبذبات السعرية المستمرة لهذه العملة الرقمية. حيث ظهرت فكرة البيتكوين (Bitcoin) للمرة الأولى في عام 2009 عندما قام مبرمج مجهول أو مجموعة من المبرمجين، باستخدام الاسم المستعار “ساتوشي ناكاموتو” (Satoshi Nakamoto)، بإطلاق هذه العملة الرقمية كبرنامج مفتوح المصدر.

منذ ذلك الحين، أثارت هوية الشخص أو الأشخاص الحقيقيين وراء إنشاء البيتكوين الكثير من التكهنات والشائعات، وعلى الرغم من ظهور أسماء عديدة في هذا الصدد، إلا أن جميع من تم ذكرهم قد نفوا بشكل علني أنهم هم “ناكاموتو” الحقيقي. وعندما أطلق “ساتوشي ناكاموتو” البيتكوين للمرة الأولى في عام 2009، كانت قيمة العملة الواحدة في حدود 0.0001 دولار أمريكي، ولكن سرعان ما بدأت قيمة البيتكوين في الارتفاع، حيث وصلت إلى 35 دولار في عام 2011، ثم تخطت حاجز 4,000 دولار بحلول منتصف عام 2017.

ومع استمرار النمو، تسارع صعود البيتكوين بشكل ملحوظ، حيث تجاوزت قيمة البيتكوين الواحد 20,000 دولار بنهاية عام 2017، وفي قمة الارتفاع سجلت العملة الرقمية أعلى مستوى لها عند أكثر من 68,000 دولار في نوفمبر 2021. ومع ذلك، لم تستمر هذه الموجة الصاعدة إلى الأبد، حيث شهدت قيمة البيتكوين تراجعاً سريعاً خلال عام 2022، حيث انخفضت إلى أقل من 3,500 دولار – أي فقدان نحو 70% من قيمتها الذروة، وهذا يُظهر التقلبات الشديدة التي تتسم بها هذه العملة الرقمية الرائدة.

على الرغم من عدم اعتراف معظم دول العالم بالبيتكوين رسمياً، إلا أنها تسمح بتداولها بشكل غير رسمي، ومن أبرز هذه الدول نجد أستراليا، والبرازيل، وكندا، والولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، والسويد، والنمسا، وسويسرا، ولبنان، والكويت، والعراق (اعتبارًا من يناير 2023). ومع ذلك، هناك عدد من الدول التي سمحت رسمياً بتداول البيتكوين وأقرتها كطريقة للدفع، مثل ألمانيا واليابان. وتعد “السلفادور” الدولة الوحيدة التي اعترفت بالبيتكوين كعملة قانونية.

بالإضافة إلى ذلك، اعتمد أكثر من 100,000 تاجر وبائع البيتكوين كعملة للدفع اعتباراً من فبراير 2015م، مما يُظهر التقدم المطرد في تبني هذه العملة الرقمية على نطاق عالمي، على الرغم من التحديات التنظيمية والتشريعية المستمرة.

اقرأ أيضاً: جميع منصات تداول العملات الرقمية الموثوقة

حكم البيتكوين في الشريعة الإسلامية

حكم البيتكوين في الشريعة الإسلامية
حكم البيتكوين في الشريعة الإسلامية

أما عن حكم البيتكوين في الشريعة الإسلامية، تُعرف العملة بأنها أي شيء له قيمة اقتصادية، المثالي في هذا السياق هو أن تكون قيمة العملة ثابتة ولا تتقلب بسرعة. وذلك لأن نظام الصرف في الإسلام يقوم على مبدأ تبادل بنود ذات قيمة متساوية، كما كان الحال بالماضي عندما كان القمح أحد أشكال العملة نظراً لقيمته الاقتصادية ومقدرته على التبادل مع سلع أخرى. ومع مرور الوقت، انتقلت معظم الدول الإسلامية إلى استخدام العملات الورقية، على الرغم من أن الورق المصنوع منه النقود لا يحمل قيمة ذاتية، إلا أن القيمة تكمن في التصنيف والفئة التي ينتمي إليها.

أما بالنسبة للعملات المشفرة فهي شكل رقمي من العملات، مستندة على تقنية البلوكتشين، هذه التقنية تمكن المتعاملين من تشفير البيانات وإتمام المعاملات بشكل موثوق دون الحاجة إلى وسيط مركزي. وهذا الأمر ينسجم مع المفهوم الإسلامي للعملة بشكل عام، حيث يتم الاحتفاظ بالبيانات في دفتر الأستاذ اللامركزي بدلاً من الاعتماد على الورق. ومع ذلك، هذا لا يشكل دليلاً قاطعاً على إباحة تداول البيتكوين في الإسلام.

ففي رأي الإمام ابن تيمية، عندما يتم تداول العملات والأموال بهدف الاستثمار والربح، فإن ذلك يتعارض مع المقاصد الشرعية للمال. لذلك حَرَّم الإسلام الفائدة، وهو نفس المنطق الذي يجعل الكثيرين يستنتجون أن البيتكوين ينتهك مبادئ التمويل الإسلامي. إضافة إلى ذلك، تتميز البيتكوين، مثل معظم العملات المشفرة، بتقلبات شديدة في قيمتها، مما يؤدي إلى أرباح وخسائر كبيرة لحاملها. وبالتالي، فهي تعمل كأداة استثمارية أكثر من كونها عملة في الوقت الراهن.

إليك أيضاً: إيجابيات وسلبيات الدفع بالعملات الرقمية

ما هي خصائص البيتكوين؟

ما هي خصائص البيتكوين
ما هي خصائص البيتكوين

يتميز البيتكوين بمجموعة من الخصائص المميزة التي تجعله محل اهتمام واسع، ومن بين تلك الخصائص :

  • العملات الرقمية المشفرة تتسم بالطابع العالمي: فهي لا ترتبط بنطاق جغرافي محدد، ولا تنتمي لدولة بعينها، ولا يصدرها أي بنك مركزي، كما أنها لا تخضع لرقابة أو تدخل من أي جهة، إذ يمكن لأي شخص في العالم التعامل بها من خلال التطبيقات المتوفرة، ولكن بعض الدول قد قامت بحظر استخدام العملات الرقمية المشفرة، ومنها عدد من الدول العربية والإسلامية، وهذا يرجع إلى المخاوف المتعلقة باستخدامها في الأنشطة غير المشروعة نظراً لطبيعتها اللامركزية وصعوبة الرقابة عليها.
  • لا يتطلب بطاقة هوية شخصية للتعامل بها: فالمحفظة الرقمية لا يجب أن ترتبط بأي معلومات يمكن من خلالها التعرف على هوية المستخدم، لذا تُعد هذه المحافظ مناسبة للأشخاص الذين يولون اهتماماً كبيراً بحماية خصوصيتهم وعدم الكشف عن هويتهم.
  • عدم خضوعها لأي رقابة مركزية: لا يستطيع أي جهة، سواء كانت حكومية أو مؤسسات مالية، التدخل في عمليات التحويل والنقل المالي عبر هذه العملات، فلا يمكن لأي طرف مصادرة أموال المستخدمين أو تجميد حساباتهم أو حظر أي تحويلات مالية تتم باستخدام العملات المشفرة.
  • لا يمكن استعادة المال بعد إرسالها: فمبجرد إجراء أي تحويل باستخدام هذه العملات، لا يمكن للمرسل استرداد الأموال أو التراجع عن العملية.
  • تتسم معاملات العملات المشفرة بسرعة كبيرة في التنفيذ: فشبكة البيتكوين وغيرها من الشبكات تعالج المدفوعات بشكل فوري تقريباً، حيث يستطيع المتلقي في أي مكان بالعالم استلام الأموال في غضون دقائق قليلة فقط.
  • تتميز هذه العملات الرقمية بانخفاض تكلفة التحويلات والمعاملات المالية مقارنة بالنظم المالية التقليدية: حيث تتم هذه التعاملات مباشرة بين المستخدمين، دون الحاجة إلى وسطاء أو مؤسسات مالية تفرض رسومًا إضافية.
  • البيتكوين ليست عملة قابلة للطباعة أو التزوير: حيث أنه لا يمكن إنشاء أكثر من 21 مليون بيتكوين أبداً،هذا الحد الأقصى مبرمج في شفرة البيتكوين وهو أمر أساسي لحفاظها على قيمتها.
  • يسهل حماية البيتكوين وإخفاؤها: فيمكن تخزينها بأمان على أقراص صلبة ومشفرة، وهذا يجعلها أكثر أماناً وحماية من السرقة أو الضياع مقارنة بالنقود التقليدية.
  • معاملات البيتكوين لا يمكن عكسها أو استرجاعها: فبمجرد إرسال البيتكوين لشخص آخر، لا يوجد طريقة للحصول عليها مرة أخرى إلا إذا قام المتلقي بإعادتها من جديد.
  • لا تحتاج إلى مساحة تخزين كبيرة: بغض النظر عن كمية البيتكوين التي يمتلكها المستخدم، فهي عملات رقمية يتم تخزينها بشكل آمن في المحافظ الإلكترونية.
  • امتلاك البيتكوين مباشراً يوفر مزايا أمنية مهمة للمستخدمين: فعندما تمتلك البيتكوين بنفسك وتحفظ المفتاح السري الخاص بك بأمان، فلا يمكن لأي طرف آخر الاستيلاء عليها منك مهما حاول.
  • تعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، دون أي توقف أو انقطاع: فيمكن إجراء معاملات البيتكوين في أي وقت، سواء كان ذلك في وسط الليل أو أثناء العطلات الرسمية.

بعد استعراض ماهية البتكوين وتحليل الآراء الفقهية المتعلقة حول حكم البيتكوين في الشريعة الإسلامية، يتضح لنا أن هذه المسألة المعاصرة لا تزال محل خلاف بين الفقهاء والباحثين المسلمين. ومن جهة، هناك من يرى أن البتكوين تندرج ضمن المعاملات المشروعة طالما أنها لا تنطوي على ربا أو غرر أو مخاطر مفرطة. وفي المقابل، يرى البعض الآخر أن تداول هذه العملة الرقمية يشوبه الجهالة والغرر، ما يجعله محظوراً شرعاً.

أقرأ ايضاً:


أنت مارأيك بالموضوع ؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *