دعاء الاستخارة وكيفية أداء صلاة الاستخارة من المواضيع التي يبحث عنها المسلمين ويرغب بالتعمّق في تعلّمها، حيث كثيراً ما يقع الإنسان في حيرة من أمره تجاه بعض المواقف التي يتعرض لها، ويحتاج إلى وسيلة تساعده في بيان الخير من كل منها، ومن هنا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتعليمنا صلاة الاستخارة، والتي أكد العلماء على أنها سنّة، وفاعلها يحصل على أجر كبير وثواب عظيم عند أدائها بشكل صحيح ويقين تام.
ما هو دعاء الاستخارة الصحيح؟
تعتبر صلاة الاستخارة سنّة عظيمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث يلجأ إليها المسلمين عند وقوعهم في حيرة من أمرهم حول اختيار الأفضل في الأمور، على سبيل المثال نذكر السفر والزواج والوظيفة وغيرها، حيث يبدؤون بالدعاء والتوسل إلى الله عز وجل وطلب اختيار الخير لهم.
يحصل فاعل صلاة الاستخارة على أجر عظيم، وفيها يدعي ربه فيقول: «اللهم إنّي استخيرك بعلمك، واستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنّك تقدّر ولا أقدّر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علّام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أنّ هذا الأمر (وهنا يقول الداعي رغبته) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (وهنا يعيد ذكر رغبته)، شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عنّي واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني عنه».
كيف تصلي صلاة الاستخارة بطريقة صحيحة؟
شرع الله سبحانه وتعالى لنا الاستخارة، كما حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم عليها، وكان الدليل على ذلك قول البخاري عن جابر بن عبد الله رضوان الله عليه:«كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلّمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن». في صلاة الاستخارة يرمي المسلم جميع همومه وآلامه على الله عز وجل، وبالتالي يتحقق المعنى الحقيقي للاتكال على الله واليقين بقدراته العظيمة. وتتم صلاة الاستخارة بطريقتها الصحيحة وفق مجموعة من خطوات التقرب لله:
- أن يتوضأ المسلم ويستحضر نية أداء صلاة الاستخارة
- يقوم المسلم بالصلاة ركعتين بدون فريضة، وبعدها يسلّم عن الصلاة.
- بعد ذلك يقرأ المسلم ضمن الركعتين بعد سورة الفاتحة سورة الكافرون في الركعة الأولى، ومن ثم سورة الإخلاص في الركعة الثانية.
- ثم يقوم المسلم بعدها بحمد الله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بقوله:(الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله).
- يبدأ المسلم بالطلب من ربه ويدعو دعاء الاستخارة بالشكل الصحيح، أي رفع يديه لله عز وجل مؤمناً بقدرة الله تعالى على كل شيء.
ما هي السورة التي تقرأ في صلاة الاستخارة؟
يوجد مجموعة من الآيات القرآنية التي يستحب قرائتها في صلاة الاستخارة وضمن مواقع معينة تزيد من توضيح الإخلاص والصدق في الرغبة والتفويض. وقد وجد بعض العلماء أنّه من الأفضل في الركعة الأولى بعد قراءة الفاتحة أن يقرأ المسلم من سورة القصص قوله تعالى: {وربك يخلق ما يشاءويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عمّا يشركون، وربك يعلم ما تكنّ صدورهم وما يعلنون، وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون}. كما نوّه آخرون إلى استحسان قراءة المسلم من سورة الأحزاب قوله تعالى: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الحيرة من أمرهم ومن يعصِ الله ورسوله فقد ضلّ ضلالاً مبيناً}.
من جهة أخرى كان رأي علماء آخرون أن يمكن للمسلم أن يقرأ ما يشاء من القرآن الكريم في صلاة الاستخارة ولكن يستحب أن يقرأ بعد سورة الفاتحة في الركعة الأولى قوله تعالى: {قل يا أيها الكافرون}، وفي الركعة الثانية قوله تعالى: {قل هو الله أحد}،والمراد ذلك إظهار الضعف والصدق والإخلاص في الطلب والتوكل لله عز وجل.
هل الاستخارة لها علامات؟
تعتبر صلاة الاستخارة من أهم العبادات وأعظمها، فهي وسيلة لتقرب العبد من ربه وتوجهه إليه بدعاء الاستخارة وطلب الخير في المواقف التي يتعرض لها، وبعد القيام بصلاة الاستخارة بنتظر المسلم النتيجة، حيث يمر بإحدى الحالات التالية:
- انشراح الصدر: يشعر المسلم بعد قيامه بصلاة الاستخارة بالراحة والطمأنينة تجاه الأمر الذي استخار ربّه به، حيث يمضي فيه ويبني عليه بكامل اليقين والثقة.
- انقباض الصدر: قد يشعر المسلم بعدم تقبل الأمر الذي استخار ربّه به، حيث يكون قلبه متعلق به بشكل كبير ولكنه ينحرف عنه بعد الاستخارة.
- حصول الرؤيا في المنام: وهذا لا يحدث عند جميع المستخيرين بعد الاستخارة، ولكن قد تكون كعلامة للرد على استخارته، وهنا يلجأ إلى أصحاب العلم للتأكد من تفسيرها وتحديد الصواب منها.
- جهالة بالحال: وهنا لا يشعر المستخير بأي شعور، أي لا انشراح ولا حتى انقباض بالصدر، وفي هذه الحالة يفضّل أن يقوم بإعادة الاستخارة حتى يظهر له الشعور.
- أن يبقى حاله مجهول: أي يقوم المسلم بإعادة الاستخارة ويبقى شعوره مجهول، وفي هذه الحالة يفضّل أن يقوم المسلم بالتوجه لأصحاب الخبرة والعقول ويستشيرهم في سبب ذلك.
ما هو أفضل وقت لصلاة الاستخارة؟
يلجأ المسلم إلى صلاة الاستخارة طلباً للتقرب من الله عز وجل وإظهار الحق والخير من شيء معين يشعره بالقلق، وحتى يحصل المسلم على أفضل نتيجة فإنه من الأفضل أن يلتزم بجميع التوجيهات التي نوّه إليها العلماء، حيث أكدوا على أن أفضل وقت للاستخارة هو قبل صلاة الفجر في الثلث الأخير من الليل، وذلك ارتكازاً على قول البخاري ومسلم أن أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربّنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فاستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له».
ما هي فوائد الاستخارة؟
تعود صلاة الاستخارة بمجموعة من الثمرات والفوائد على حياة المسلم وحالته النفسية وعلاقته مع ربّه عز وجل، فهي تعزز شعور المسلم وتيقّنه بقدرة الله وعظمته في الحكم على الأمور واختيار الأفضل منها، ويعزز استجابة الله لدعاء الاستخارة
ومن ضمن هذه الفوائد أيضاً:
- يصبح المسلم على يقين تام بأن الخيرة فيما اختاره الله، والتي تدل على تقرب العبد من الله عز وجل والتوكل عليه في جميع المواقف التي يتعرض لها، وقد قال سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
- الحصول على الأجر والثواب العظيم، حيث أنها مكونة من صلاة ودعاء وما فيهما من خير وتقرب من الله تعالى.
- ينتقل المسلم من حالة الحيرة والشك إلى الاستقرار وراحة البال، فالله تعالى قادر على كل شيء وذلك بقوله: {قل إن الأمر كلّه لله}.
- كذلك التوصل إلى الخير والابتعاد عن الشر، فالله سبحانه وتعالى هو الأعلم بأحوالهم وخير الأمور.
في ختام مقالنا، نكون قد وضحنا دعاء الاستخارة وكيفية أداء صلاة الاستخارة، ودورها الكبير في توضيح خير الأمور وتقرب العبد من الله تعالى، فالمسلم يصبح على يقين تام وثقة بقدرة الله عز وجل وعظمته في حل جميع مصاعب الحياة وإبعاد الشر والقلق عن حياة المؤمن.