لماذا حدث الفيضان في الإمارات وأين البنية التحتية؟ هو السؤال الذي ينتظر الكثيرون إجابة دقيقة عنه، نظراً لما سببته مياه الفيضان من خسائر مادية كبيرة، حيث أدت إلى تعطل حركة المرور والرحلات الجوية على مستوى البلاد بأكملها، إذ شهدت الإمارات العربية المتحدة هطولات مطرية تعتبر الأغزر خلال الـ 75 عاماً الأخيرة مترافقة بالعواصف الرعدية مما أثر على البنية التحتية للدولة بشكل كامل وأدى إلى أضرار في أجزاء كبيرة منها، لذلك سنناقش معكم في مقالنا هذا أبرز الأسباب الممكنة لحدوث الفيضان في الإمارات والأضرار الناجمة عنه.
لماذا حدث الفيضان في الإمارات؟
بسبب المناخ الصحراوي الجاف في دولة الإمارات العربية المتحدة فهي تشهد هطولات مطرية قليلة، وبالرغم من ذلك فقد حدث فيضان في الإمارات هذا العام، حيث هبّت عاصفة قوية جداً كان خبراء الأرصاد الجوية قد حذروا منها كثيراً في الإمارات السبع للبلاد، وسرعان ما غمرت المياه أنظمة الصرف الصحي، مما أدى إلى إغراق الأحياء السكنية والمناطق التجارية، فضلاً عن تعطل حركة الملاحة الجوية وقد وصلت إلى أجزاء من طريق الشيخ زايد المكون من 12 مساراً والذي يمر عبر مدينة دبيّ.
فما هو السبب وراء الفيضانات في الإمارات؟ يبدو أنّ الاحترار المناخي الذي ينجم عن انبعاث الوقود الأحفوري على الأرجح هو وراء تلك الهطولات القياسية للأمطار في الإمارات العربية المتحدة، والتي أسفرت عن وفيات وفيضانات واسعة في البلاد بحسب ما أعلنته شبكة إسناد الطقس في العالم.
كما وجدت الدراسة، وفقاً لفرانس برس، أن هطول الأمطار في السنوات التي تشهد ظاهرة “النينيو” المناخية أصبح الآن أكثر غزارة بنسبة من 10 إلى 40 بالمئة ضمن شبه الجزيرة العربية، فيؤدي تغير المناخ الناجم عن النشاطات البشرية إلى جعل الظواهر الجوية المتطرفة مثل الحرارة الشديدة والأمطار أكثر شدة وصعوبة للتنبؤ بها.
كما قد أشار العلماء إلى أن شدة العاصفة تعود إلى ارتفاع نسبة الرطوبة بشكل كبير في الغلاف الجوي بسبب ارتفاع درجة حرارة البحار قبل أن تتسبب في هطولات الأمطار هذه، معتبرة بذلك أنّ تغير المناخ هو السبب الأكثر احتمالاً ولكن لا يمكن تأكيده. كما وتجدر الإشارة إلى أن السيول التي ضربت الإمارات في 16 أبريل أدت إلى تعطل الحياة في عدة مناطق فيها، كما غمرت أحياء في دبي ومدن شمالية آخرى حيث لقي 4 أشخاص حتفهم وفق صحيفة رويتر.
وقد أعلن المركز الوطني للأرصاد الجوية أن الإمارات شهدت هطول أكبر كميات من الأمطار خلال الأعوام الـ 75 السابقة، وأن منطقة “خطم الشكلة” في العين شهدت هطولات تقدر ب 254.8 ملم في أقل من 24 ساعة، كذلك تساقطت الأمطار بمعدل 100 ملم خلال 12 ساعة فقط، وهو ما يقارب ما تسجله دبيّ خلال عام كامل، وفقاً لـ”سي أن أن” ونقلاً عن بيانات الأمم المتحدة.
وبالنظر إلى جميع هذه الإحصائيات فقد أشارت وكالة بلومبرغ إلى دور عمليات الاستمطار أو مايسمى بتلقيح السحب في حدوث الفيضان في الإمارات ولكن حكومة دبيّ قد نفت إجراء الاستمطار قبيل الفيضان أو خلاله.
اقرا أيضًا:كيف واجهت الإمارات أول كارثة طبيعية حقيقية؟
ما هو تلقيح السحب؟ وهل تسبب في فيضانات الإمارات؟
أثارت الفيضانات في الإمارات احتمالات كثيرة حول دور الحملة التي قامت بها الدولة من أجل استمطار السحب، حيث نقلت وكالة بلومبرغ عن أحمد حبيب وهو خبير في الأرصاد الجوية، أنّ الأمطار الغزيرة هذه جاءت بعد عمليات تلقيح السحب، وهو مشروع قائم في الإمارات منذ فترة طويلة.
حيث بدأت الحكومة في تسعينيات القرن الماضي بضخ ملايين الدولارات لتنفيذ الاستمطار من السحب، ووفقاً لوكالة الأنباء” وام” فإن عملية تلقيح السحب تتم من خلال طائرات مخصصة لنشر مواد جزيئية دقيقة مثل يوديد الفضة ضمن أماكن معينة في هذه السحب بحيث تساعد على تكاثف بخار الماء بشكل أسهل ولا تسبب ضرراً على البيئة، مما يؤدي لتغيير العمليات الفيزيائية داخل تلك السحابة ويساعد في هطول كميات كبيرة من الأمطار.
هذا وقد استخدمت الإمارات العربية المتحدة هذه التقنية لمعالجة النقص في المياه بحيث يتم اللجوء إليها عندما تكون ظروف الرياح والرطوبة والغبار في الجو لا تكفي لتساقط المزيد من المطر. من جهة أخرى فقد نفى المركز المسؤول عن مهام الاستمطار في البلاد إرسال الطائرات يوم حدوث العاصفة الثلاثاء، ولكن من الممكن أنه تم إرسالها يومي الأحد والاثنين قبيل وصول العاصفة.
وفي السياق نفسه أكد العديد من الخبراء أن الأنظمة التي أنتجت هذه الأمطار الغزيرة لن تسبب وحدها الفيضانات في الإمارات فمن الممكن أن تؤثر تأثيراً بسيطاً لكن التركيز على التلقيح للسحب كسبب رئيسي للفيضانات ضمن الدولة هو أمر مضلل بعض الشيء، مشيرين بذلك إلى تدخل المناخ أيضاً، إذ يمكن أن يحمل الغلاف الجوي مياه كثيرة أدت بدورها لتكوين السحب وهطول الأمطار بسبب تغيرات المناخ بالمقام الأول.
اقرأ أيضًا:الكوارث الطبيعية التي يمكن أن تهدد الإمارات
البنية التحتية ومياه الفيضانات:
يعرف عن دولة الإمارات إحداثها لأنظمة تحكم عن بعد في معالجة الصرف الصحي منذ سنة 2020، إلا أن التحدي الذي واجهته البلاد كان أكبر من توقعاتها بكثير، فقد أثبت الفيضان في الإمارات أن أنظمة الصرف الصحي هذه غير كافية لاستيعاب كل هذه الهطولات المطرية فقد غمرت المياه المرآب تحت الأرض بشكل كامل، كما غرقت الطرق السريعة والمنازل السكنية. كذلك أثرت الطرق المقطوعة على الخدمات الأساسية في البلاد، حيث لم تستطع محلات السوبرماركت من القيام بعمليات التخزين من جديد، بينما كافح العديد من الموظفين أيضاً للوصول إلى أعمالهم.
وأما بالنسبة إلى مطار دبيً والذي يعتبر أحد أكثر المطارات ازدحاماً بالمسافرين على مستوى العالم، فقد شهد نقصان حادّ في عدد الموظفين بالإضافة إلى استمرار إلغاء الرحلات الجوية وتأخرها مع توقع استمرار الفيضان في الإمارات وقتها. هذا وقد عملت السلطات الإماراتية بشكل حثيث على إصلاح الأضرار الناجمة عن العاصفة، فبعد مرورها قامت بنشر الصهاريج لسحب المياه من الطرق، لكن بعض الأماكن السكنية والبحيرات وملاعب كرة القدم المحلية بقيت مغمورة بالمياه لعدة أيام، كما تم العمل على إعادة مطار دبيّ إلى العمل واستئناف الرحلات بأقصى سرعة ممكنة.
مع ذلك فإن دولة لإمارات ليست وحدها التي تواجه مثل هذه الفيضانات، فقد تسببت عاصفة شديدة جداً في ليبيا العام الفائت في انهيار عدد من السدود مما أدى لحدوث فيضانات مدمرة قتلت حوالي ال 5000 شخص في مدينة درنة، كما قد غمرت المياه أنحاء واسعة من بكين السنة الماضية بعد أن تعرضت العاصمة الصينية لأكبر هطولات للأمطار منذ 140 عاماً، مما تسبب بفيضانات جرفت معها المنازل وأدت لمقتل العشرات من الأشخاص.
وفي الختام، نكون قد حصرنا معكم الأسباب المحتملة لحدوث الفيضانات في الإمارات والأضرار التي قد تسببت بها، مع الإشارة إلى مواصلة السلطات الإماراتية السعي للتخفيف من حجم هذه الخسائر المادية على الناس، فضلاً عن مراجعة مشاريع البنية التحتية وذلك من أجل تعزيز الانظمة الخاصة بالصرف الصحيّ وجعلها قادرة على استيعاب كميات أكبر من الهطولات المطرية في الأعوام القادمة، هذا لا ينفي تضافر الجهود لتقليل الأخطار التي قد تتسبب بها الفيضانات في المستقبل.