مشروع الاستمطار وعلاقته بفيضانات الإمارات

مشروع الاستمطار وعلاقته بفيضانات الإمارات
مشروع الاستمطار وعلاقته بفيضانات الإمارات
الكاتب: كاتب الامارات العربية المتحدة
التاريخ: يونيو 18, 2024

إذ تعتبر الإمارات بيئة صحراوية جافة، حيث يكون هطول الأمطار فيها قليلاً وغير منتظم، وتعاني البلاد من تحديات جمة فيما يتعلق بتوفير المياه العذبة للاستخدام اليومي والزراعة والصناعة.

لذلك، يعد مشروع الاستمطار أو تلقيح السحب خياراً استراتيجياً مهماً لتعزيز إمدادات المياه في الإمارات.

مشروع الاستمطار في الإمارات:

مشروع الاستمطار وعلاقته بفيضانات الإمارات
مشروع الاستمطار وعلاقته بفيضانات الإمارات

تم تداول صور ومعلومات على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن الفيضانات الهائلة التي ضربت دبي في الإمارات العربية المتحدة والدول المجاورة، وظهرت ادعاءات بأن استخدام تقنية أو مشروع الاستمطار الاصطناعي، المعروفة أيضاً بـ”تلقيح السحب”، كان سبباً في هذه الكارثة، ومن أجل التحقق من صحة هذه الادعاءات، قامت DW بإجراء تحقيق.

حيث تعرضت المنطقة لانهيارات أرضية ضخمة، ليس فقط في دبي إنما في مناطق أخرى أيضاً في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية. وفي يوم واحد، هطلت كميات كبيرة من الأمطار تفوق ما يتوقعه المعدل السنوي للأمطار، نتيجة لذلك ارتفع منسوب المياه وغمرت الشوارع، وتأثرت مطارات ومبان أخرى بشدة بسبب تدفق الفيضانات القوية.

ولم تقتصر الأمطار الغزيرة على دبي فحسب، بل تأثرت أيضاً مناطق أخرى، بما في ذلك سلطنة عمان المجاورة. وبالإضافة إلى الأضرار المادية، تم الإبلاغ عن وفاة ما لا يقل عن 20 شخص جراء هذه الكارثة.

وفي حين يعاني المتضررون من تداعيات هذه الكارثة، انتشرت نظريات وافتراءات على وسائل التواصل الاجتماعي حول سبب وقوع الفيضانات.

أحد الادعاءات هي أن تقنية تلقيح السحب تم استخدامها بطريقة خاطئة، فيما تساءل أشخاص آخرون عما إذا كان تلقيح السحب هو السبب وراء وقوع الفيضانات في دبي أو تفاقمها، وقد أتت أغلب الإجابات بنعم على هذا السؤال.

ووفقاً لتحقيق فريق تقصي الحقائق في DW، يتبين أن هذا الادعاء غير صحيح. وفيما يلي التوضيح:

تقنية تلقيح السحب هي وسيلة لإنتاج المطر باستخدام أدوات اصطناعية، إذ تقوم الطائرات برش مواد مثل الأملاح التي لا تذوب في الماء على السحب، ثم يتم تكاثف الرطوبة الموجودة في السحب على هذه المواد وتساعد في تشكيل قطرات المطر التي تتساقط على الأرض.

إذ يتم استخدام هذه الطريقة في عدة مناطق حول العالم، أحياناً لتوليد الأمطار وأحياناً أخرى للحد من العواصف الثلجية، فعلى سبيل المثال: صور الأقمار الاصطناعية أظهرت وجود عاصفة مصاحبة لسحب مطرية ضخمة شكلت فوق جنوب شرق شبه الجزيرة العربية وجنوب إيران في الأيام الأخيرة.

وبناءً على التحقيق، كانت الظروف المناسبة لتلقيح هذه السحب متوفرة للقيام بذلك بشكل اصطناعي. وفي استطلاع على تيك توك شارك فيه حوالي 22100 شخص، أكد ثلث المشاركين أنهم يعتقدون أن تلقيح السحب هو السبب وراء الفيضانات.

اقرأ أيضًا:معلومات عن بنك الإمارات للاستثمار

حصاد الأمطار في الإمارات:

يقوم المركز الوطني للأرصاد الجوية في الإمارات، والذي يتخذ مقره في العاصمة أبو ظبي، بالبحث حول تقنية تلقيح السحب منذ فترة تمتد إلى أواخر التسعينيات، إذ تستخدم دولة الإمارات العربية المتحدة هذه الطريقة في الصحراء لزيادة كمية الأمطار وبالتالي كمية المياه العذبة المتاحة.

في البداية، ذكرت وكالة “بلومبيرغ” أن تقنية تلقيح السحب التي يقوم بها المركز الوطني للأرصاد أثرت إيجاباً على هطول الأمطار.
ومع ذلك، نفى المسؤولون الإماراتيون أن يكونوا اتخذوا أي إجراءات في هذا الصدد في بداية الأسبوع، وقد قام فريق تقصي الحقائق لدى DW بالتواصل مع المركز، إلا أنه لم يتلقَ رداً حتى الآن.

ومع ذلك، تلقت DW رداً من فريق بحثي في جامعة هوهنهايم الألمانية، والذي يقوم بمشروع بحثي مشترك مع المركز الوطني للأرصاد في الإمارات، وأفاد عالِم الأرصاد الجوية أوليفر برانش بأنه ليس لديه أي معلومات عن أي عمليات تلقيح السحب في بداية الأسبوع.

ومع ذلك، أكد أنه “غير واقعي تماماً” أن تلقيح السحب يمكن أن يسبب كميات كبيرة من الأمطار، وأشار إلى أن ارتباط أنشطة تلقيح السحب بالفيضانات في دبي يكاد يكون معدوماً. ونقلت العديد من وسائل الإعلام آراء خبراء آخرين الذين يشتركون في تقييمات مماثلة، بما في ذلك خبراء في وكالة “بلومبيرغ”.

إضافة إلى ذلك، يؤدي التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة الظروف المناخية القاسية، وتتضمن بعض الادعاءات أن “تأثيرات ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ لن تسلم منها أي مدينة”. وهناك رؤية أخرى تقول: “هذا هو التغير المناخي الناجم عن النشاط البشري”، ومع ذلك لم يتم تأكيد صحة هذا الادعاء بشكل كامل حتى الآن.

يرى العديد من الباحثين في مجال المناخ ارتباطاً وثيقاً بين تغير المناخ والأمطار الغزيرة، إذ يقول عالم المناخ فريدريك أوتو من “كلية لندن الإمبراطورية” لـ DW: “غالباً ما يلعب الاحتباس الحراري دوراً في الأحداث المناخية المتطرفة، ولكن في بعض الأحيان يتم تفويض تأثيره أو تضخيمه بشكل عام. وفيما يتعلق بالأحداث في دبي، قالت وكالة فرانس برس للأنباء إن العواصف أصبحت أسوأ “على الأرجح” بسبب الاحتباس الحراري.

يستند هذا المنطق إلى خلفية فيزيائية بسيطة: عندما يكون الهواء أكثر دفئاً، يزيد قدرته على امتصاص الرطوبة، ولذلك تكون الأمطار غزيرة في المناطق الاستوائية بالمقارنة مع المناطق ذات المناخ المعتدل مثل ألمانيا. حيث تكون العواصف المطرية في وسط أوروبا أكثر غزارة في الصيف مقارنة ببداية العام. لهذا السبب، هناك اتفاق بين العديد من الباحثين في مجال المناخ بأن الاحتباس الحراري العالمي يزيد من احتمالية حدوث الأحوال الجوية القاسية ويجعلها أكثر تطرفاً.

اقرأ أيضًا:أفضل الفنادق في الإمارات لأصحاب الشركات ورجال الأعمال

سلبيات تقنية الاستمطار أو تلقيح السحب:

سلبيات تقنية الاستمطار أو تلقيح السحب
سلبيات تقنية الاستمطار أو تلقيح السحب

تقنية أو مشروع الاستمطار أو تلقيح السحب هي تقنية تستخدم في بعض البلدان، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة، بهدف زيادة هطول الأمطار عن طريق تحفيز تشكل قطرات الماء في السحب وتسريع عملية التكاثف. وعلى الرغم من بعض الفوائد المحتملة لهذه التقنية، إلا أنها تواجه أيضاً بعض المضار والسلبيات التي يجب أخذها في الاعتبار. ومن بين هذه المضار والسلبيات:

  • فعالية غير مؤكدة: لا يزال هناك جدل حول فعالية تقنية الاستمطار وقدرتها على زيادة كميات الأمطار بشكل ذي معنى، فالدراسات العلمية التي تدعم فعالية الاستمطار غالباً ما تكون محدودة وتفتقر إلى تأكيدات قوية ومتسقة.
  • تكلفة مرتفعة: تقنية الاستمطار تتطلب تجهيزات ومعدات متطورة وتكاليف عالية لتنفيذها بشكل فعال، فقد تكون هذه التكاليف غير مجدية من الناحية الاقتصادية مقارنة بالفائدة المحتملة في زيادة هطول الأمطار.
  • تأثير على التوازن البيئي: قد يؤدي تلقيح السحب إلى تعديل التوازن البيئي الطبيعي للمنطقة، حيث يتم تدخل في عملية تكوين السحب وهطول الأمطار بطرق صناعية، وقد ينتج عن ذلك تأثيرات غير متوقعة على النظام البيئي والتنوع الحيوي.
  • الاعتماد على مصادر المياه: قد تتطلب تقنية الاستمطار كميات كبيرة من المياه لتنفيذها، سواء لإنتاج المواد المستخدمة في عملية التلقيح أو لتوفير المياه التي يتم استخدامها في عملية الرش، وقد يكون هذا التبذير للمياه مشكلة خاصة في المناطق التي تعاني من نقص المياه.
  • آثار جانبية غير معروفة: قد تنتج عن تقنية الاستمطار آثار جانبية غير معروفة بشكل كامل، سواء على المناخ المحلي أو على الصحة العامة، فقد يتطلب تنفيذ هذه التقنية دراسات مستقبلية لتقييم الآثار والمخاطر المحتملة.

في الختام، يمكننا أن نستنتج أن مشروع الاستمطار في الإمارات يشكل تقنية مثيرة للاهتمام في محاولة لزيادة كميات الأمطار وتحسين استدامة الموارد المائية في المنطقة، وعلى الرغم من الآمال المعقولة التي يثيرها هذا المشروع، فإن علاقته بفيضانات الإمارات لا تزال تحتاج إلى دراسة وتقييم مستفيض. لذا، ينبغي على المسؤولين والخبراء التحليل والتقييم المستمر لتأثير مشروع الاستمطار على فيضانات الإمارات، وضمان تنفيذه بطريقة مستدامة وذكية، كما يجب أن يتم إجراء دراسات متعمقة لتقييم الآثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية لهذا المشروع، وضمان مشاركة جميع الأطراف المعنية والمجتمع المحلي في عملية صنع القرار.

أقرأ ايضاً:


أنت مارأيك بالموضوع ؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *