نسبة السمنة في الإمارات ومفاهيم الحياة الصحية من أهم الأمور التي باتت تلقى اهتمام كبير من قبل المسؤولين الإماراتيين، وذلك لما شهدته هذه البلاد في الآونة الأخيرة من زيادة ملحوظة في معدلات انتشار السمنة بين مختلف شرائح المجتمع، الأمر الذي يُثير قلقاً متزايداً لدى المسؤولين والمعنيين بالصحة العامة. هذه الظاهرة تأتي على خلفية التحول الاجتماعي والاقتصادي السريع الذي شهدته الدولة خلال العقود الماضية، والذي أدى إلى تبني أنماط حياة أكثر ترفاً وقلة الحركة البدنية. وفي هذا المقال، سنكتشف أسباب ارتفاع معدلات السمنة في الإمارات، كما سنتناول بالتحليل الجهود المبذولة من قبل الحكومة والمجتمع المدني لتعزيز مفاهيم الحياة الصحية والوقاية من الأمراض المرتبطة بالوزن الزائد.
السمنة في الإمارات:
وفقاً لتقرير الاتحاد العالمي للسمنة الصادر في عام 2023، من المتوقع أن يعاني أكثر من نصف سكان العالم من زيادة الوزن أو السمنة بحلول عام 2035. أي خلال الـ12 عام المقبلة. وأشار التقرير إلى أن معدلات السمنة تواصل ارتفاعها بشكل سريع، لا سيما بين الأطفال والسكان في الدول ذات الدخل المنخفض. وفي هذا الصدد، صرّحت نوف العلي مديرة إدارة تعزيز الصحة بوزارة الصحة ووقاية المجتمع، لصحيفة “الاتحاد” قائلة: “يهدف الاحتفال باليوم العالمي للسمنة إلى رفع الوعي بأهمية تضافر الجهود لمكافحة السمنة وما تسببه من مشاكل صحية وأمراض مزمنة، التي تشكل عبئاً صحياً ونفسياً واقتصادياً على الأفراد والمجتمعات والدول.
دور وزارة الصحة في الحد من نسبة السمنة
كما أكدت نوف العلي أن وزارة الصحة ووقاية المجتمع توليِ أهمية كبيرة للتوعية بمخاطر السمنة، وفي هذا الإطار أدرجت الوزارة في خططها الاستراتيجية حزمةً من المبادرات والبرامج الفاعلة والهادفة إلى الحد من انتشار السمنة وتعزيز أنماط حياة صحية مرتبطة بالغذاء الصحي والنشاط البدني. كما أشارت أيضاً إلى ضرورة ترسيخ البعد التوعوي والوقائي، وتخفيض معدل الأمراض المرتبطة بنمط الحياة. وذلك بالتوافق مع استراتيجية الوزارة في تقديم رعاية صحية شاملة ومتكاملة، باستخدام طرق مبتكرة ومستدامة تضمن وقاية المجتمع من الأمراض.
وبحسب نتائج المسح الوطني الأخير (2017-2018)، تبلغ نسبة السمنة بين البالغين في دولة الإمارات العربية المتحدة 27.8%.
أما نسبة من يعانون من زيادة الوزن أو السمنة فتصل إلى 60% من إجمالي السكان. وعلى صعيد الفئات العمرية الأصغر، فقد أظهرت آخر الإحصائيات الناتجة عن الفحص الدوري لطلبة المدارس أن نسبة السمنة بين الأطفال واليافعين في الفئة العمرية من 5 إلى 17 سنة تبلغ 17.35%.
هذه الأرقام التي تم رصدها من خلال المسوح والفحوصات الدورية تؤكد الحاجة الملحة لمعالجة ظاهرة السمنة ووضع برامج وسياسات فعالة للحد منها وتعزيز أنماط الحياة الصحية في المجتمع الإماراتي.
ووفقاً لتصريحات المسؤولين، فإن التوجه الوطني الحالي ينصب على منع أي زيادة في معدلات السمنة عند الأطفال، وقد تم تحديد هذا الهدف الاستراتيجي كأولوية يعمل عليها الفريق الوطني المتخصص. كما أشارت المصادر إلى الجهود المشتركة التي تبذلها وزارة الصحة ووقاية المجتمع بالتعاون مع الجهات الصحية الأخرى في الدولة.
إذ يتمثل ذلك في تنفيذ خطة عمل وطنية وفق إطار زمني ومؤشرات أداء محددة، بهدف تعزيز البيئة الصحية المناسبة وتشجيع الأفراد والأسر على اعتماد أساليب حياة صحية للتعامل مع تحدي السمنة، وذلك بما يسهم في تحقيق أهداف المبادرة الوطنية “تعزيز الوعي بأنماط الحياة الصحية”. هذه الجهود المنسقة تعكس إدراك الحكومة لخطورة ظاهرة السمنة، وتؤكد التزامها بوضع استراتيجيات فعالة للحد منها، لا سيما في صفوف الأجيال الصاعدة.
اقرأ أيضاً: أفضل 5 منتجعات صحية في الإمارات للاسترخاء والاستشفاء
أسباب ارتفاع معدلات السمنة في الإمارات
هناك عدة أسباب رئيسية لارتفاع معدلات السمنة في دولة الإمارات العربية المتحدة، نذكر منها:
التحول في أنماط الحياة والتغذية:
- التحول نحو الوجبات السريعة والأطعمة المصنعة عالية السعرات الحرارية والدهون.
- زيادة الاعتماد على السيارات وقلة النشاط البدني في الحياة اليومية.
- ضعف ثقافة الرياضة والنشاط البدني لدى بعض شرائح المجتمع.
التغيرات الاجتماعية والاقتصادية:
- ارتفاع مستويات الدخل والرفاهية مما أدى إلى تغير نمط الحياة.
- زيادة معدلات السكر والدهون في الأطعمة المتاحة.
- زيادة الاستهلاك الغذائي واعتماد الأطعمة السريعة.
العوامل الوراثية والجينية:
- ازدياد الميل الوراثي لبعض الأفراد والأسر للبدانة والسمنة.
- تأثير العوامل الجينية في زيادة التراكم الدهني في الجسم.
قلة الوعي الصحي والتوعية:
- ضعف الثقافة الصحية لدى بعض أفراد المجتمع.
- انخفاض الاهتمام ببرامج التوعية والتثقيف الصحي.
- قلة تشجيع ممارسة الرياضة والنشاطات البدنية.
إن معالجة هذه الأسباب الجذرية سيكون له أثر كبير في الحد من انتشار السمنة في دولة الإمارات والنهوض بمفاهيم الحياة الصحية بين أفراد المجتمع.
مخاطر ارتفاع معدلات السمنة في دولة الإمارات العربية المتحدة
تشكل ظاهرة السمنة تحدياً صحياً خطيراً في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تشير الإحصاءات إلى ارتفاع معدلات انتشارها بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. لذلك تترتب على هذه الظاهرة عدة مخاطر صحية واجتماعية واقتصادية تستدعي اهتمام واتخاذ إجراءات فعالة للحد منها. فالسمنة ترتبط بارتفاع معدلات الإصابة بأمراض مزمنة خطيرة، وتؤثر سلباً على الصحة النفسية للأفراد وتشكل عبئاً اقتصادياً كبيراً على الحكومة والمجتمع ككل. وبالتالي من الضروري استكشاف هذه المخاطر بشكل تفصيلي للتمكن من وضع الحلول المناسبة للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة:
- المخاطر الصحية: السمنة ترتبط بارتفاع معدلات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري من النوع الثاني والضغط المرتفع وبعض أنواع السرطان، وهذه الأمراض تؤدي إلى تدهور الصحة العامة وزيادة الوفيات.
- الآثار النفسية والاجتماعية: السمنة قد تؤثر سلباً على الصحة النفسية للأفراد وتؤدي إلى مشاكل في التكيف الاجتماعي، بسبب وصمة العار المرتبطة بها.
- التكاليف الاقتصادية: علاج الأمراض الناجمة عن السمنبالإة يشكل عبئاً كبيراً على الموازنات الصحية للدولة، كما أن انخفاض الإنتاجية والغياب عن العمل بسبب تلك الأمراض له تكلفة اقتصادية كبيرة.
لذلك، تسعى الحكومة إلى وضع استراتيجيات شاملة للتصدي لهذه الظاهرة، من خلال تعزيز الوعي الصحي والبرامج الوقائية، بهدف الحفاظ على صحة وسلامة المجتمع.
إليك أيضاً:أفضل المطاعم في دبي مول تستحق تجربتك
الجهود المبذولة من قبل الحكومة لتعزيز مفاهيم الحياة الصحية
هناك جهود مبذولة من قبل الحكومة والمجتمع المدني في دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز مفاهيم الحياة الصحية وتحسين مستويات الصحة العامة، ومن أبرز هذه الجهود:
- إطلاق استراتيجية وطنية للصحة والتغذية هدفها الحد من معدلات السمنة والأمراض المرتبطة بها.
- تطبيق برامج توعوية وتثقيفية في المدارس والمؤسسات الحكومية والخاصة.
- بالإضافة إلى تشجيع ممارسة الرياضة والنشاطات البدنية من خلال إنشاء البنية التحتية المناسبة.
- فرض ضوابط على الأغذية المصنعة والوجبات السريعة لخفض نسب الملح والسكريات والدهون.
- كذلك إطلاق حملات إعلامية وطنية للتوعية بأهمية التغذية الصحية والنشاط البدني.
في ختام مقالنا لليوم الذي تناولنا فيه نسبة السمنة في الإمارات ومفاهيم الحياة الصحية نتوصل إلى أنه على الرغم من التحديات المتزايدة التي تواجه دولة الإمارات في مكافحة السمنة، فإن هناك أمل كبير في تحقيق نتائج إيجابية على المدى الطويل. حيث ترتكز الجهود الوطنية على ثلاثة محاور رئيسية: رفع الوعي المجتمعي بأهمية نمط الحياة الصحي، تعزيز الشراكات بين مختلف الجهات لتوحيد الجهود، وتنفيذ برامج شاملة لتشجيع المواطنين على ممارسة النشاط البدني والاهتمام بالتغذية السليمة. بالتعاون الوثيق بين الحكومة والمجتمع، يمكن للإمارات أن تصبح نموذجاً رائداً في الوطن العربي في تحقيق أنماط حياة صحية وتقليص معدلات السمنة. كما أن التزام الجميع بهذه الرؤية المشتركة سيكون مفتاح النجاح في هذه المعركة الحاسمة لصحة وسعادة المواطنين.