تعتبر مهارات التصميم أمراً ضرورياً في عصر تتزايد فيه أهمية التصميم في مختلف المجالات المهنية. فالتصميم لم يعد قاصراً على مجال الإعلان أو الجرافيك فقط، بل امتد ليشمل تصميم المواقع الإلكترونية والتطبيقات المتنقلة، وحتى تصميم المنتجات والأثاث. وبالتالي، فإن إتقان مهارات التصميم الأساسية قد أصبح مطلباً رئيسياً لكثير من الوظائف في مختلف القطاعات.
ومع تعدد البرامج والأدوات المتوفرة لتعلم التصميم، قد يبدو الأمر معقداً للوهلة الأولى بالنسبة للمبتدئين. لذا، فإن وضع مسار تعليمي شامل لتنمية مهارات التصميم أصبح ضرورياً لضمان اكتساب المهارات الأساسية اللازمة. وفي هذا المقال، سنقدم لك خطة متكاملة لتطوير مهاراتك في مجال التصميم بطريقة منهجية، تساعدك على الانطلاق بثقة في هذا المجال المتنامي والمطلوب.
مجالات التصميم
يتميز مجال التصميم الجرافيكي بتنوع واسع في المجالات والتخصصات المتاحة أمام المصممين. فهناك العديد من المجالات المختلفة التي يمكن للمصمم أن يركز عليها وأن يطور مهاراته فيها. وتتراوح هذه المجالات بين التصميم المطبوع والتصميم الرقمي، مروراً بتصميم العلامات التجارية والهوية البصرية، وصولاً إلى تصميم الويب والتطبيقات المتنقلة. ولكل من هذه المجالات مهاراتها الخاصة وأدواتها المتميزة، مما يضفي على مهنة التصميم تنوعاً وإثارة مستمرة للمصممين الطموحين. وفي هذه الفقرة سنلقي الضوء على بعض أبرز مجالات التصميم:
تصميم الهويات المرئية
الهوية المرئية هي الركيزة الأساسية لنجاح أي علامة تجارية. فهي تمثل الصلة الوثيقة بين الشركة وجمهورها من العملاء، وتعكس الأفكار والمبادئ والأهداف والخبرات والرسائل التي تتبناها. كما تتجاوز الهوية المرئية الشعار أو اللوجو (Logo)، لتشمل جميع أنواع القنوات التي تتواصل بها الشركة مع عملائها وتعبر عن هويتها.
هذه القنوات تتراوح من البروشورات التعريفية والكروت التقديمية إلى الكتالوجات، بالإضافة إلى الألوان والتصاميم العامة التي تمثل الشركة.
كما يعتبر مصمم الجرافيك المتخصص في مجال الهويات المرئية المفتاح الأساسي لتكوين هوية تجارية ناجحة، فهو المسؤول عن خلق هوية مؤثرة وجذابة تنسجم مع رؤية الشركة وتساعد في ترسيخها في أذهان العملاء. وبالتالي، فإن كل ما قد يعكس هوية الشركة سيكون مصمم الجرافيك هو الأساس المتين لنجاحه.
اقرأ أيضاً: أهم المكاتب الهندسية في الإمارات
التصميم الدعائي أو التسويقي
التسويق الفعّال هو العمود الفقري لنجاح أي شركة، حيث يمثّل الوسيلة الرئيسية لإقناع العملاء بشراء منتجاتها وخدماتها.
ونظراً لأن معظم العملاء ينجذبون بشكل أكبر إلى المواد الدعائية المرئية، فقد أصبح دور مصمم الجرافيك المتخصص في التصميم التسويقي محورياً لنجاح الحملات التسويقية. لذلك، تولي الشركات اهتماماً كبيراً بالمصممين، وتمنحهم تخصيصات وامتيازات واسعة لإبداع التصاميم التسويقية المبتكرة. ستتعامل كمصمم تسويقي مع مجموعة متنوعة من الأطراف، بدءاً من مسؤولي الأقسام ومتخصصي التسويق وصولاً إلى إدارة الشركة،وستكون الركيزة الأساسية التي تبني عليها جميع أقسام الشركة نجاحها التسويقي.
ويمكنك التخصص في تصميم أنواع محددة من المواد الدعائية، كالتسويق التقليدي الذي يشمل تصميم البروشورات والإعلانات في المجلات والصحف، أو تبنِّي استراتيجية عامة تشمل التسويق الرقمي والتقليدي. ومن أمثلة مجالات عمل مصمم الجرافيك التسويقي:
- الملصقات واللوحات الإعلانية.
- إعلانات الصحف والمجلات،.
- الكتيبات الدعائية.
- الفيديوهات الترويجية، نماذج التسويق عبر البريد الإلكتروني.
- العروض التقديمية الدعائية.
- والصور الاستعراضية على المواقع والمدونات.
تصميم واجهات المستخدم UI
مهمة المصمم هنا إعداد وتصميم الواجهات التي يتفاعل معها المستخدم، والمعروفة باسم واجهات المستخدم (User Interface)، في مختلف الأجهزة والبرامج والتطبيقات، الهدف منها هو ضمان تجربة استخدام متميزة وسلسة للمستخدم.
يشمل عمل مصمم واجهات المستخدم كل العناصر البصرية التي يتفاعل معها المستخدم، مثل الأيقونات والأزرار والقوائم والصور والعناصر التفاعلية الأخرى، حيث يجب أن يكون هناك توازن دقيق بين هذه المؤثرات البصرية والجوانب التقنية والبرمجية للتطبيق أو الجهاز.
في الوقت الحاضر، يركز مصممو واجهات المستخدم بشكل أساسي على تصميم تطبيقات الحواسيب والهواتف والويب وكذلك الألعاب وللقيام بهذه المهام، يتعاونون مع فريقين رئيسيين:
خبراء تجربة المستخدم (UX User Experience)، الذين يحددون كيفية عمل التطبيق وآلية تفاعل المستخدم مع خياراته.
مطوري الواجهات التفاعلية، وهم المبرمجون المسؤولون عن كتابة الأكواد البرمجية وإعدادها للتطبيق.
إذا كنت ترغب في العمل في هذا المجال، فعليك تطوير مهاراتك في تصميم العناصر المرئية، إلى جانب إتقان مبادئ تجربة المستخدم وواجهات التفاعل، مع امتلاك بعض الخبرة في أساسيات تطوير مواقع الويب.
مسار شامل لتعليم مهارات التصميم
التصميم هو مجال واسع وديناميكي يشمل مهارات متنوعة تتطلب تطوير متواصل. لذا، سواء كنت مبتدئاً في عالم التصميم أو تسعى لتحسين مهاراتك القائمة، فإن إتباع مسار تعليمي شامل وموجه سيكون بمثابة الخطوة الأساسية لاكتساب المعرفة والخبرة اللازمة، وفقاً لما يلي:
تحديد الدافع القوي لتعلم تصميم الجرافيك
إذا كنت ترغب في تطوير إرادة قوية لتتعلم وتبدع في مجال تصميم الجرافيك، فستحتاج إلى تحديد الدافع الحقيقي والقوي الذي يحركك. ما هي الأسباب والدوافع الجوهرية التي تدفعك نحو هذا المجال؟ هل ترى فيه مساحة للتعبير عن ذاتك وإبداعك الفريد؟ أم أنك ترغب في اكتساب مهارة جديدة تمكنك من تنويع مسار عملك المهني؟
أو قد يكون هدفك الأساسي هو تحقيق الربح من خلال العمل الحر في تصميم الجرافيك عبر الإنترنت. أياً كان السبب الأساسي الذي يدفعك، فعليك أن تحدده بوضوح وتضع أهدافاً طموحة تكفي لتحفيزك على المواصلة والاحتراف في هذا المجال. اكتب هذه الأهداف وضعها في مكان بارز، فعندما تحققها ستشعر بطاقة كبيرة للمضي قدماً في مسيرتك الإبداعية.
تأسيس المعرفة بالمبادئ الأساسية للتصميم
في أي مجال متخصص، هناك مبادئ وأسس محددة يجب إتقانها للوصول إلى الاحتراف والتميز. حيث تتنوع المبادئ والمفاهيم الأساسية في تصميم الجرافيك، والتي قد تصادفها خلال دراستك للكتب والمصادر العلمية المتخصصة، ولتجنب الضياع والتيه بين هذه المصادر المتعددة، قمنا بتجميع وتبسيط أبرز هذه المبادئ في قائمة موجزة، لتكون بمثابة دليل سهل المنال يمدك بكل ما تحتاجه في مسيرتك كمصمم جرافيك محترف.
التوازن
يشير مفهوم التوازن في تصميم الجرافيك إلى التوزيع المنسجم والمتناسق لكافة العناصر المرئية، من الصور والأحرف والأشكال وغيرها، ضمن المساحة المحددة للتصميم، كغلاف أو شاشة أو صفحة إلكترونية.
إليك أيضاً: تأثير التكنولوجيا الحديثة على الحياة اليومية في الخليج
الارتصاف والتناسق
يتمثل هذا المبدأ في الربط المرئي والمتناغم بين مختلف عناصر التصميم، مثل الصور والأشكال والنصوص والألوان. على سبيل المثال، اعتماد مبدأ الألوان المتقابلة في تصميم عناصر موقع ما يعد إحدى طرق تحقيق هذا التناسق. فوضع الألوان المتقابلة على دائرة الألوان يخلق توافقاً لافتاً للنظر وراحة بصرية للمستخدم.
التخصيص والترتيب
يعد مبدأ التخصيص أحد الركائز الأساسية التي تعتمد عليها الشركات. هذا المبدأ يتمحور حول تحديد الأولويات بين العناصر المدرجة في التصميم، بهدف إبراز العناصر الأكثر أهمية بشكل واضح وملفت للانتباه. فمن خلال تطبيق هذا المبدأ، تقوم الشركات بوضع العبارة الترويجية الرئيسية في مساحة كبيرة وبتصميم جذاب، بينما تُدرج التفاصيل الأخرى للإعلان بخط أصغر وأقل وضوحاً. هذا التباين في الحجم والبروز بين العناصر المختلفة يُركّز انتباه العميل بشكل كبير على العبارة الرئيسية، مما يسهم في زيادة فعالية الرسالة الترويجية وتعزيز قدرتها على استقطاب اهتمام المستهلك.
التباين
إن مبدأ التباين (Contrast) هو أحد الركائز الأساسية في مجال تصميم الجرافيك والمواد البصرية. هذا المبدأ يرتكز على إحداث نوع من التفاوت المُدروس بين عناصر التصميم المختلفة، بهدف إبراز أهمية كل عنصر على حدة وتمكين المشاهد من التمييز البصري الواضح بين مكونات التصميم. كما تتجلى مظاهر التباين في تصميم الجرافيك من خلال عدة أشكال، منها:
- التباين في الإضاءة والعتامة: كاستخدام عناصر ذات إضاءة عالية لتمييزها عن الخلفية الداكنة.
- التباين في الحجم: كوضع عناصر كبيرة الحجم بجوار عناصر صغيرة الحجم لتسليط الضوء عليها.
- التباين في السمك والرفاهية: كاستخدام عناصر سميكة وغامقة مقابل عناصر رقيقة وخفيفة.
- التباين في الطابع والطراز: كإدراج عناصر تقليدية إلى جانب عناصر حديثة ومُستحدثة.
الاتساق
مبدأ الاتساق في التصميم الجرافيكي يلعب دوراً محورياً في تحقيق الوحدة والتماسك البصري للعناصر المكونة للتصميم، فمن خلال الاتساق، يستطيع المصمم ربط وتوحيد مختلف عناصر التصميم بما يضمن خروجها بشكل متناغم وواضح. فعلى سبيل المثال، يمكن للمصمم إرفاق عنصر تصميمي محدد بشعار شركة ما لتوحيد الانطباع العام عن طبيعة ومزايا منتجاتها. فإضافة رمز الابتسامة الصافية بالقرب من شعار شركة معجون الأسنان يساهم في ترسيخ مفهوم النقاء والصحة، وهو ما ينسجم مع غرض المنتج وخصائصه.
اختيار مجال التصميم الجرافيكي المناسب
في البداية، من المهم أن تكون على دراية بأبرز مجالات التصميم الجرافيكي المنتشرة والمطلوبة حالياً. فاختيار المجال المناسب يجب أن ينطلق من شغفك وقدراتك الحقيقية، بدلاً من التركيز فقط على الربح. بالإضافة إلى تحليل احتياجات السوق المحلي وتوجهات المجتمع التي قد تساعدك في تحديد المجال الأنسب. فإذا كان هناك طلب كبير على المصممين التسويقيين في منطقتك، فربما يكون هذا هو الخيار الأمثل لك. وكذلك إذا كان لديك خبرة سابقة في مجال معين، كتصميم الجرافيك للألعاب على سبيل المثال، فسيكون من الحكمة أن تتخصص في هذا المجال.
البدء بتعلم تفاصيل العمل
بعد اختيارك لمجال التصميم الجرافيكي المناسب، عليك أن تخوض رحلة تعلّم كافة التفاصيل والأسرار التي تؤدي إلى النجاح في هذا المجال. كما أن نقطة البداية هي تحديد المصادر التي ستساعدك في تنمية معارفك وتحسين مهاراتك. وهناك ثلاثة مصادر رئيسية يمكنك الاستفادة منها:
- الكورسات: توفر منصات التعلم الإلكترونية كماً هائلاً من الكورسات المتخصصة في مختلف مجالات التصميم الجرافيكي، وتتنوع هذه الكورسات بين المجانية والمدفوعة.
- المقالات والشروحات: ابحث عن المقالات التي تتضمن صوراً توضيحية جيدة والتي ستساعدك في فهم الموضوعات بشكل أفضل.
- الكتب والمراجع:هناك العديد من الكتب المفيدة في مجال التصميم الجرافيكي، ومن بينها: مبادئ الطباعة والتصميم الجرافيكي: ألفه عدلي عبد الهادي، والتصميم الجرافيكي: ألفه أحمد عمر محمد.
اختيار البرامج والأدوات المناسبة
هناك مجموعة متنوعة من الأدوات والبرامج التي يمكن استخدامها في رحلة تعلم تصميم الجرافيك، إذ تعتمد هذه الأدوات على مجال التصميم الذي تركز عليه، ولكن هناك بعض البرامج الرئيسية التي تعتبر أساسية في معظم مجالات التصميم الجرافيكي:
برمجيات التصاميم الخطية والنقطية:
- Adobe Illustrator: متخصص في التصاميم الخطية والرسومات المتجهة.
- Adobe Photoshop: برنامج رائد في التصاميم النقطية والتعديل الصوري.
برمجيات التصاميم ثلاثية الأبعاد (3D):
– Autodesk Maya
– Cinema 4D
– Autodesk 3ds Max
– Blender (خيار مجاني)
– Hexagon (خيار مجاني)
برمجيات التصميم بمساعد الحاسوب (CAD):هذه البرامج مصممة بشكل خاص للتصميم الهندسي والمعماري.
برمجيات تصميم المنشورات والخلفيات:
– Adobe InDesign: برنامج متخصص في تصميم المطبوعات والمنشورات.
برمجيات تصميم الخطوط:
– Fontlab Studio
– FontCreator
بدء مسيرتك المهنية كمصمم جرافيك
إذا كنت قد أعددت عدّتك وأتقنت مجالاً من مجالات التصميم الجرافيكي، فهناك طريقان رئيسيان أمامك لبدء مسيرتك المهنية:
- العمل الحر (Freelancing): ميزة هذا النهج هي أنك ستتمتع بمرونة في اختيار المشاريع التي تناسبك واستطلاع الأجور التي تراها عادلة، ومن المنصات المناسبة للعمل الحر في المجال العربي، منصة خمسات، أكبر سوق عربي للخدمات المصغرة.
- العمل بوظيفة عن بُعد: ستعمل في هذا النهج كمصمم جرافيك لإحدى الشركات بموجب عقد عمل لمدة محددة، وستكون خاضع لسياسات الشركة وأنظمتها، مع أجر ثابت محدد مسبقاً.
في ختام مقالنا لليوم الذي تناولنا فيه مسار شامل لتعليم مهارات التصميم، نتوصل إلى أن تعلم مهارات التصميم ليس مساراً واحداً، ولكنه رحلة شاملة تتطلب الصبر والالتزام. فمن خلال دمج المفاهيم النظرية مع الممارسة العملية، وتعزيز المهارات الأساسية مع استكشاف الأدوات والتقنيات الحديثة، يمكن للمصممين بناء قاعدة متينة تساعدهم على تحقيق إبداعاتهم وطموحاتهم المهنية.