مع التطور والتقدم اللّذان لا يمكن إنكارهما في ميدان العلم على اختلاف أنواعه، كان لعلم النفس نصيب ملحوظ من هذا التطوّر، حيث تطور علم النفس إلى درجة لم تكن بالحسبان، فأخذ يبحث ويتعمق في أنماط وأصناف السلوك البشري، إلى أن انتهى المطاف بتحديد أربعة أنماط لشخصية الإنسان .
وتُشكّل هذه الأنماط الأربعة ركيزة أساسية في العلاقات البشرية، حيث يبحث كل شخص عن المعايير التي يمكنه من خلالها معرفة نمط شخصية شريكه الآخر، لمعرفة أفضل أساليب التعامل معه.
لذا خصصنا لكم هذا المقال للتعرف على أنماط الشخصية الأربعة، حيث سنورد لكم كافة المعلومات الخاصة بكل نمط على حدى بالتفصيل، ليمكنكم من الآن فصاعدًا معرفة نمط الطرف الآخر في كافة تجاربكم مع الغير.
ما هي أنماط الشخصية الأربعة؟
بدايةً، لا بد لنا من التعرف على فكرة أنماط الشخصية الأربعة:
تعدّ أنماط الشخصية الأربعة إحدى تقسيمات الشخصيات التي قسّمها عالم النفس الشهير أبقراط، حيث أكد أبقراط أن الإنسان يعد مزيجًا من هذه الأنماط الأربعة، إلا أنه لا بد من أن يتّصف بنمطٍ ما أكثر من غيره، وعلى هذا الأساس قام أبقراط بتقسيم الشخصية إلى أربعة أنماط يمكن جمعها اختصارًا بـ DISC، حيث يمثل كل حرف من الكلمة نمط من الأنماط الأربعة.
النمط الأول – النمط D:
- دائمًا ما يكون هذا النمط من بين أنماط الشخصية الأربعة مستعدًا للمهام الملقاة على عاتقه، ويبدو هذا النمط أكثر توافقًا مع النمط I.
- إن كنت ترغب في كسب محبة هذا النمط، فلا بد لك من البحث عن العوامل المشتركة بينكما، بحيث تجد المهام المشتركة بينكما.
- وكذلك إن كنت من النمط I، وترغب بخلق توافقًا أكثر ما بينك وبين النمط D، فلا بد لك من أن تشعره بأهميته، بحيث يتوجب عليك ذكر محاسنه والثناء عليه والإشادة بالإنجازات التي سبق له تحقيقها، ومن ثم ابدأ بالحديث معه.
- عندما يكون النمط D في حالة من الانفعال، فأفضل شيء يمكنك تقديمه له هو الابتعاد عنه قدر الإمكان.
- وإن كنت تريد تحقيق بعض الأغراض المشتركة ما بينك وبين هذا النمط، لا بد لك من ذكر طموحاتك والتحديات المقبل عليها، فالنمط D يحب المغامرات والصعوبات أكثر من غيره، لذا احرص على التعامل معه وفق مبدأ ” أنت تكسب، وأنا أكسب “.
- يكره هذا النمط المراقبة الدقيقة لأصغر الأمور، كما أنه كثيرًا ما يكره العمل الروتيني، فكما ذكرنا مسبقًا هو يحب المغامرات والتحديات.
- أهم نقاط ضعف هذا النمط تتجلى في أنه إنسان مخاطر، فهو لا يكترث لعواقب أفعاله، فكثيرًا ما تجده يقدم على بعض التصرفات على الرغم من عدم علمه بما سيترتب عليها من نتائج.
- من نقاط الضعف هذا النمط أيضًا أنه إنسان مجادل من الدرجة الأولى، كما أن مشاعر النمط D تكاد تكون منعدمة، فهو مثلًا إن تبادر إلى ذهنه بعض الملاحظات المحرجة لك، لن يتردد أبدًا في الإفصاح عنها، فهو قليلًا ما يكترث للجانب الإنساني في علاقاته.
النمط الثاني – نمط الشخصية I:
- يعشق النمط I في المقام الأول لفت الأنظار، فيرتدي كل ما هو مختلف ليبرز، فهو يسعى دائمًا إلى لفت نظرك.
- بالنسبة لصفات هذا النمط، فيمكن وصفه بالشخص المتحمس جدًا للحياة، فهو أيضًا يحب التحديات، ولكن بدرجة أقل من النمط الأول ( النمط D ).
- يبحث النمط I عن كل ما هو جديد، وكثيرًا ما ينصب اهتمامه على مشاعر الأشخاص، كما أنه يحب العلاقات ويتميز بتفاؤله الشديد، فمهما كانت الظروف المحيطة به سيئة، لا بد من أن تكون رؤيته للحياة إيجابية للغاية.
- يفضل هذا النمط إحاطة الآخرين به، ولديه دائرة أصدقاء وعلاقات واسعة للغاية؛ بفضل سهولة نيل صداقته.
- يحب النمط I مساعدة الآخرين كثيرًا، فهو دائمًا ما يرجح منفعة الغير على منفعته الشخصية، فقد يبذل طاقته ووقته وماله في سبيل مساعدة الغير.
- يعبر هذا النمط عن مشاعره بكل بساطة، فلا يتردد للاعتراف بالغير بما قد يشعر به تجاهه.
- يؤخذ على هذا النمط أنه غير منظم وغير واقعي، ولا يمتلك أية طموحات، فهو يترك الحياة تسير كما تشاء دون محاولة لتغيير واقعه مهما كان.
- الخطوة الأولى للتفاعل مع هذا النمط من الشخصيات يتجلى في الاستماع والإنصات وتقديره مشاعره.
- ومن نقاط قوته، قدرته العجيبة على حل كل ما قد يواجهه من مشاكل، إلا أن الكارثة الكبرى في هذا النوع هو أنه بإمكانه حل مشاكل الآخرين، إلا أنه كثيرًا ما يكون عاجزًا عن حل مشاكله الذاتية.
- يتميز النمط I بسرعته الفائقة في اتخاذ القرارات، والتي غالبًا ما تكون منطقية، كما أنه منفتح لتقبل كل ما هو جديد.
- وبالعودة إلى نقاط ضعف النمط I، فهو دائمًا ما يكون مبالغًا في تقديره للأمور، فيتعامل مع أبسط المشاكل على أنها مشاكل كبيرة للغاية.
- يؤخذ على هذا النمط أيضًا عدم قدرته على إدارة الوقت، فهو لا يمتلك أية خطة، فهو يتجه إلى عيش الحياة يومًا تلو الآخر دون الاكتراث للمستقبل.
- يكره هذا النمط الأسئلة، كما أنه يكره العمل الروتيني، ويشعر بالضجر من البيئة المنعزلة.
- ودائمًا ما يخشى النمط I من أن يكون منبوذًا، بل يحبذ أن يشعر بأن محيطه يتقبله، فعنوانه في الحياة ” دعنا نمرح، دعنا نستمتع .. “.
النمط الثالث – نمط الشخصية C:
ننتقل الآن للحديث عن خصائص نمط الشخصية C:
- يتميز النمط C من أنماط الشخصية الأربعة برزانته وكثرة طرحه للأسئلة، كما يسعى دائمًا إلى البحث عن الحقائق والأرقام.
- يمكن وصف النمط C بالشخصية المحللة، حيث يبحث هذا النمط عن الدراسات والإحصائيات التي من شأنها تعزيز تحليله لمختلف أوجه الحياة.
- دائمًا ما يفضل النمط C التأكد من صحة ما يتلقاه من معلومات.
- كما يتميز النمط C بأنه شخصية حذرة لا تحبذ العمل الجماعي، كما أنه محب للمبادرة والتكفل بالمهام، وهو يركز على المهام أكثر من العلاقات.
- من المميزات الفريدة لهذا النمط هو أنه دائمًا ما يتجنب المواجهات المباشرة لحل خلافاته مع المحيط، بل يلجأ إلى استخدام الأسلوب الدبلوماسي لحل خلافاته.
- يؤخذ على النمط C بأنه متردد وبطيء للغاية في اتخاذ القرارات.
- إن كنت ترغب في كسب محبة النمط C، فاسمح له بالإطلاع على كافة تفاصيل حياتك، فهذا النمط دائمًا ما تعنيه أبسط التفاصيل وأدقها.
النمط الرابع – نمط الشخصية S:
ننهي حديثنا في هذا المقال بالتعرف على نمط الشخصية S:
- يفضل النمط S الاستماع للآخرين؛ كونه محبًّا للحفاظ على العلاقات.
- أكثر ما يتميز به النمط S هو استعداده لتقديم التضحيات، وهذا ما يعد في الوقت ذاته إحدى سلبياته، ففي بعض الأحيان يترك الفرص المتاحة له؛ بغية تمكين الآخرين من الاستفادة منها.
- يؤخذ على النمط S أنه حساس للغاية، فقد يتأثر بأصغر الكلمات، لذا توخى الحذر جيدًا عند مخاطبة هذا النمط.
- يبدأ النمط S بأداء مهامه برزانة ومن ثم يتصاعد ذلك شيئًا فشيئًا، فالنمط S يتصف بسكونه وانخفاض وتيرته.
- أكثر ما يكرهه النمط S هو تحمل المسؤوليات، لذا لا يحبذ الدخول في العلاقات التي من شأنها إلقاء بعض المسؤوليات على عاتقه كالزواج.
- يحب النمط S العلاقات، ويفضل نيل الود فيها، كما يفضل هذا النمط التعاون والعمل بشكل جماعي.
- يتصف النمط S بالخجل الشديد، فعلى الرغم من حبه للاختلاط وتكوين العلاقات، إلا أنه في الوقت ذاته خجول للغاية.
- لا يفضل النمط S الدخول في المواجهات، فهو محب كثيرًا للأمان والسلام.
- تكمن أبرز سلبيات النمط S في استسلاميته المبالغ بها، فهو على الفور يرضخ للظروف التي قد تعيق مسار حياته.
في الخلاصة، يمكن القول إن أنماط الشخصية الأربعة وتطورت فيما بعد على يد كثير من العلماء والخبراء في مجال علم النفس، تعد نموذجاً مهماً لفهم سلوك وتفاعل الأفراد في مختلف المجالات. وكل شخص ينتمي إلى نمط شخصي محدد يتحدد بناء على عوامل مختلفة مثل الوراثة والبيئة والتربية والتجارب الحياتية. ومن خلال فهم أنماط الشخصية الأربعة، يمكن للفرد أن يفهم نفسه والآخرين بشكل أفضل، وتحسين تفاعلاته الاجتماعية والعملية بشكل عام.