تحتل المساجد مكانة خاصة ومهمة في حياة المسلمين، فهي الأماكن التي يتجمعون فيها لأداء الصلوات والتلاوة والذكر، وتعتبر بيوت الله التي تزدهر فيها الروحانية وتتجلى العبادة. ومن بين العادات الجميلة والمستحبة في الإسلام هي أداء دعاء الدخول للمسجد والخروج منه، فهي لحظات تعكس التواضع والاستعانة بالله في كل خطوة نحو هذا المكان المقدس.
دعاء الدخول للمسجد والخروج منه:
دعاء الدخول للمسجد والخروج منه هو عبارة عن سلسلة من الأذكار والدعوات التي يقولها المسلم عند دخوله للمسجد وعند مغادرته، إنها كلمات تعبّر عن الاستعانة بالله والتضرع إليه قبل أن يبدأ المؤمن رحلته الروحانية داخل المسجد، وتعكس الشكر والامتنان عندما يغادره، إليكم أبرز هذه الأدعية:
- أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتسليم عليه عند دخول المسجد، ثم ترديد: «الّلهُمّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ»، أما عند الخروج من المسجد فأوصى النبي بقول: «الّلهُمّ إِنّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ».
- روى أبو حميد أو أبو أسيد رضيَ الله عنهما أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يقول: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ المَسْجِدَ فَلْيُسَلّمْ عَلَى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ثُمّ لَيَقُلْ: الّلهُمّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ، فإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ: الّلهُمّ إِنّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ» وردت من سنن أبي داود.
- روى عبد الله بن عمرو رضيَ الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «كان إذا دخل المسجدَ قال أعوذُ باللهِ العظيمِ وبوجهِه الكريمِ وسلطانِه القديمِ من الشيطانِ الرجيمِ».
- روى أنس بن مالك رضيَ الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقول إذا دخلَ المسجدَ: «بسمِ اللهِ، اللهمَّ صلِّ على محمدٍ، و أزواجِ محمدٍ».
- كان رسول الله محمد صلّى الله عليه وسلّم يقول عند الخروج من المسجد:«وإذا خَرَجَ، فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ». رواه أبو حميد أو أبو أسيد -رضي الله عنهما.
- روى أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: (وإذا خرجَ، فَليُسلِّم علَى النَّبيِّ وليَقُلْ: اللَّهُمَّ اعصِمني مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ
- روت فاطمة بنت رسول الله عن أبيها فقالت:« إذا خرج صلى على محمَّد وسلم، وقال: رب اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب فضلك».
- روى مسلم عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مَنْ بُيُوتِ اللهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللهِ، كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً».
- روى ابن السني عن أنس رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد قال: « بسم الله ، اللهم صلي على محمد»، وإذا خرج قال: «بسم الله ، اللهم صلي على محمد».
- اللهم اجعل في قلبي نوراً ، وفي لساني نوراً ، واجعل في سمعي نوراً ، واجعل في بصري نوراً.. ومن فوقي نوراً، ومن تحتي نوراً ،وعن يميني نوراً ،وعن شمالي نوراً ، ومن أمامي نوراً ، و في خلفي نوراً. واجعل في نفسي نوراً، وأعظم لي نوراً ، وعظم نوراً ، واجعل لي نوراً ، واجعلني نوراً.. اللهم أعطني نوراً ، واجعل في عصبي نوراً ، وفي لحمي نوراً ، وفي دمي نوراً ، وفي شعري نوراً ، وفي بشري نوراً.
المساجد في القرآن الكريم:
الآيات التي وردت فيها المساجد في القرآن الكريم كثيرة ومنها:
- «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ» ﴿١١٤ البقرة﴾.
- «أنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ» ﴿١٢٥ البقرة﴾.
- «فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ» ﴿١٤٤ البقرة﴾.
- «وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ» ﴿١٨٧ البقرة﴾.
- «يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ»﴿١١٣ آل عمران﴾.
- «فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ» ﴿١٠٢ النساء﴾.
- «ورَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا»﴿١٥٤ النساء﴾.
- «وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا»﴿٢ المائدة﴾.
- «ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ» ﴿١١ الأعراف﴾.
فضل دعاء الدخول للمسجد والخروج منه:
فضل دعاء الدخول للمسجد والخروج منه يتجلى في عدة جوانب تعزز قيمة وأهمية هذه الأذكار الجميلة في حياة المسلمين، إليك بعض فوائد وفضائل هذه الأذكار:
- الاستعانة بالله: إن دعاء الدخول للمسجد والخروج منه يذكر المسلم بأهمية الاستعانة بالله في كل الأمور، وأنه لا يمكن أداء العبادة وتحقيق القرب من الله إلا بمعونته وتوفيقه، فهو يعلم المسلم بأن القوة والقدرة تنبع من الله وحده.
- التواضع والخشوع: بوصفه عملاً روحانياً، يساهم دعاء الدخول والخروج من المسجد في تعزيز التواضع والخشوع أمام الله، فهو يذكر المسلم بأهمية الانخراط في العبادة بقلب متواضع، ويعزز الروحانية والتركيز على الله وحده.
- تحقيق الركن الأول من الإيمان: الدخول للمسجد والخروج منه يعتبر فرصة للتعبير عن الإيمان وتحقيق أحد أركانه الأساسية، وهو الإيمان بالله، كما أن قول الأذكار والدعوات في هذه اللحظات يثبت للمسلم قناعته بالوجود الإلهي واعترافه بأن الله هو الرب والمولى.
- توحيد النية وتنظيم العبادة: بواسطة دعاء الدخول والخروج من المسجد، يحدد المسلم نية صادقة ومركزة لزيارة المسجد وأداء العبادة، إنه فرصة للتركيز وتوحيد النية وتحقيق الاعتكاف الروحي والاحترام للمكان المقدس.
- الثواب والمغفرة: يؤكد النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن من قال دعاء الدخول للمسجد فإنه يُغفر له ذنوبه وترتفع درجاته، كما أنه من قال دعاء الخروج من المسجد فإنه يُغفر له ما تقدم من ذنبه، هذه الفضيلة تشجع المسلمين على الالتزام بأداء هذه الأذكار البسيطة وتجعلها فرصة لتحقيق المغفرة والثواب الإلهي.
آداب دخول المسجد:
دخول المسجد يتطلب احتراماً والتزاماً ببعض الآداب الخاصة، فعندما يدخل المسلم المسجد، ينبغي عليه أن يلتزم بالآداب التي تعظم في المسجد الحرام بسبب مكانته وقدسيته، ومن بين آداب دخول المسجد:
- النية الصادقة: يجب على المسلم أن يقوم بتحديد نية صادقة للدخول إلى المسجد بقصد أداء العبادة والاقتراب من الله.
- الطهارة: ينبغي على المسلم أن يكون طاهراً قبل دخول المسجد، فعادةً ما يتم تنفيذ الطهارة الكاملة (وضوء أو غسل) قبل الذهاب إلى المسجد.
- الخُلُق والآداب: يجب على المسلم أن يكون محترماً ومهذباً عند دخول المسجد، وينبغي أيضاً أن يتجنب الضوضاء والكلام العالي، ويظهر سلوكاً حسناً ومهذباً تجاه الآخرين.
- استخدام السواك: يوصى بأن يستخدم المسلم السواك (عود التنين) قبل دخول المسجد، حيث يعتبر ذلك من سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
- الدعاء: ينبغي على المسلم أن يدعو الله بالبركة والتوفيق عند دخول المسجد، إذ يمكن أن يقول “أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم. بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله. اللهم افتح لي أبواب رحمتك” أو أي دعاء آخر يفضله المسلم.
هذه بعض الآداب التي ينبغي على المسلم أن يلتزم بها عند دخول المسجد، كما يجب أن نتذكر أن المسجد هو مكان مقدس ومكان للعبادة، لذا يجب على المسلم أن يتعامل معه بكل تواضع واحترام.
في الختام، يظل دعاء الدخول للمسجد والخروج منه من العبادات الجميلة والمحببة إلى قلوب المؤمنين، فهو عبادة تدل على التواضع والخشوع أمام الله، وتعكس الرغبة الصادقة في بلوغ القرب منه وكسب رضاه. فعندما ندخل المسجد، فإننا نخطو بثقة وتواضع في هذا الفضاء المقدس، نبحث عن الهدوء والانتقال إلى عالم العبادة والتأمل، وفي هذه اللحظة المهمة يكون الدعاء للدخول للمسجد وسيلة لتحقيق التركيز والتواصل مع الله، حيث نسأله أن يبارك لنا في دخولنا وأن يجعل كل خطوة نخطوها في هذا المكان المقدس خطوة تقربنا إليه وتزيد في حسناتنا، وعندما نخرج من المسجد، فإننا نحمل معنا السلام والبركة التي اكتسبناها خلال أوقات الصلاة والعبادة، وفي هذه اللحظة العظيمة، نلتفت إلى الله بدعاء الخروج من المسجد، نشكره على هذه النعمة العظيمة ونسأله أن يقبل منا صلاتنا وعبادتنا وأن يثبتنا على الطاعة والاستقامة.